في بيتنا مراهق...
فلنجعله راشدا لا طفلا كبيرا
كثيرة هي العائلات التي تضم بين أفرادها مراهقات ومراهقين. وقد تنقلب حياة الأسرة الهانئة رأسا على عقب ببلوغ الأبناء سن المراهقة. فبعد جو من الوفاق والمحبة يسيطر فيه الأبوان على تصرفات أبنائهما، تنشأ لدى الأبناء عند بلوغهم سن المراهقة رغبة كبيرة في الاستقلال عن الأهل والخروج من سيطرتهم. فتتوتر العلاقات بينهما وتزداد حدة هذا التوتر إذا مر المراهق بظروف أخرى سيئة على غرار الفشل المدرسي أو العاطفي في تلك السن المبكرة.
مرحلة انتقال أساسية
تعتبر المراهقة مرحلة انتقال حساسة وجوهرية في حياة الفرد. وعادة ما ترافق مراحل نمو الابن والابنة مشاعر فرح وغبطة لدى الأبوين لأن ابنهما أو ابنتها سينتقلان من مرحلة الطفولة وهي مرحلة التواكل على الوالدين إلى مرحلة النضج والمسؤولية والالتزام. ويغيب عن وعي الوالدين الاستعداد لهذه المرحلة وإعداد أبنائهم بما يكفل لهم مراهقة آمنة. ولعل الآباء يكونون في حاجة إلى مؤازرة مؤسسات معنية تتكفل بالإرشاد الصحيح للمراهقات والمراهقين وكذلك توعية الآباء في كيفية التعامل مع المراهقين.
لماذا يتمرد المراهق ؟
يشعر المراهق أنه أصبح قادرا على اتخاذ قراراته بنفسه كطريقة لإثبات ذاته والتخلص من القرارات الجاهزة التي كان يتلقاها من الأهل، فيبادر بمناقشة ما يطلبه منه أبواه ويرفض كل أشكال النصح والإرشاد خاصة المبنية على النهي والأمر. يشعر المراهق أنه أصبح قادرا على الاختيار وبإمكانه الاستقلال عن والديه واتخاذ قراراته بنفسه. وهكذا تطرح في هذه المرحلة قضايا متعددة ومتداخلة في علاقة الأبناء بالآباء، على غرار الطاعة والسلطة والفردية والاستقلالية والحرية والأبوة والأمومة... وفي ظل هذا الوضع تجد الآباء يطلقون صرخة فزع لأن أبناءهم المراهقون تمردوا عليهم وخرجوا عن طاعتهم وعصوا أوامرهم ويشتكي الأبناء من جهتهم رقابة آبائهم المشددة ومصادرة قراراتهم وحرياتهم والتدخل في أدق تفاصيل حياتهم.
كيف نعامل المراهقين ؟
ليس من السهل تحقيق التوازن السليم في معاملة المراهقات والمراهقين، فبعض الآباء يسرفون ويبالغون في الاهتمام بأبنائهم المراهقين والعناية بهم سهرا على تلبية حاجاتهم وتوفير كل ما يطلبونه وما لا يطلبونه في بعض الأحيان. والبعض الآخر يبالغ في تحميلهم المسؤولية ويعاملهم معاملة الكبار وينتظر منهم التزاما كاملا ومسؤولية وافية وعدم الوقوع في الخطأ. وفي كلتا الحالتين يجد المراهق (ة) نفسه(ا) أمام مصاعب جمة، فتجده في الحالة الأولى يشعر بالتفاهة لأنه يعامل معاملة الأطفال العجز وتجده في الحالة الثانية يصاب بخيبة الأمل والإحباط لأنه يعجز عن إيفاء المسؤوليات الموكولة له من قبل أهله كاملة. إن مرحلة المراهقة هي مرحلة بين الطفولة والشباب، فلا يعامل فيها الفرد معاملة الطفل القاصر المدلل ولا معاملة الشاب القادر المسؤول. ومن أجل بناء علاقة سليمة مع الأبناء المراهقين من الضروري أن يتجنب الأبوان كثرة النقد والتوبيخ ومقارنة ابنهما بالآخرين من أقرانه وجيرانه.
يمكن القول أن المراهقات والمراهقين في حاجة إلى معاملة خاصة من قبل الأهل، بما يساعدهم على بناء شخصيتهم وتجاوز مرحلة المراهقة بأمان ليكونوا مستقبلا راشدين لا أطفالا كبارا.